شيعة لبنان وإثارة النعرة الطائفية
الثنائي الشيعي في لبنان، المتمثل في ميليشيا حزب الله وحركة أمل، يلعبان في الحراك الشعبي اللبناني لعبة في منتهى الخطورة، وهي خطرة على مستقبل الشيعة قبل أن تكون على اللحمة الوطنية، بإصرارهما على تحويل الحراك الشعبي إلى حراك طائفي، في حين أنه كان منذ البداية عابرًا للطوائف والمذاهب، بل عابرًا للمناطقية والأحزاب السياسية. من الواضح أن هذا الثنائي الشيعي كان يستمد قوته ونفوذه في الداخل اللبناني من الطائفية، وعندما شعر هذان المكونان من الشعب اللبناني أن الانتماء الطائفي لم يعد يحفل به اللبنانيون بجميع طوائفهم، بمن فيهم جزء كبير من الطائفة الشيعية نفسها، شعروا كما لم يشعروا من قبل بأنهم بدؤوا يفقدون قيادة السيطرة على طائفتهم التي كانت سر قوتهم، وأن بضاعتهم تلك لم يعد لها سوق في الحراك اللبناني.
إعادة الطائفية إلى ساحات التظاهرات بإحداث نوع من أنواع الشغب مغلف بهتافاتهم (شيعة، شيعة)، هي محاولة لاهثة لإعادة التماحك الطائفي، وإعادة مكونات الشعب اللبناني إلى مكوناته الطائفية، وإظهار الحراك بمظهر الصراع بين الطوائف، في حين أنه خلال الشهرين الماضيين كان حراكًا وطنيًّا صرفًا يتجاوز الانتماءات الطائفية إلى الانتماء للوطن الواحد بجميع طوائفه.
كما أن اللبناني الشيعي يرى في شاشات التلفزيون ماذا يجري في العراق، وكيف تمرد العراقيون الشيعة على الإيرانيين، رغم أن العراقيين الشيعة الموالين لإيران قد فجروا في التعامل الدموي مع أشقائهم الشيعة في العراق، بأسلوب شرس، لا تقره جميع الشرائع والأديان، حتى أديان ما قبل الرسالات السماوية. وهذا - بلا شك - قد زاد من وعيهم، وإقناعهم بأن التعصب الطائفي لا يعترف بأخوة المذهب أو الطائفة؛ فالمسألة في التحليل الأخير مسألة نفوذ ومصالح، لا يكبحها مذهب، ولا يردعها انتماء طائفي.
كل ما أريد أن أقوله هنا: إن لجوء الثنائي الشيعي اللبناني لإثارة النعرات الطائفية هو دليل على الإفلاس، سيدفع ثمنه الأجيال القادمة من الشيعة في نهاية المطاف.
إلى اللقاء
نقلا عن الجزيرة